باسم العقل أفتتح موضوعي ..
قررت حذف مدونتي هاته , وقد فعلت لمدة ليست بالقصيرة ولا الطويلة وذلك لعدة أسباب على رأسها امتزاج بعض الحقائق المبهمة التي أدت إلى تشتت أفكاري , فجعلتني أعيد النظر في معتقداتي , والحمد لعقلي الذي اقتنع أخيرا بمسيرة فكرية واحدة واضحة لا تقبل النقاش ولا مجرد الشك فيها حتى ...
بناء على ذلك قررت فتح مدونتي من جديد وأأسف على حذفي للمواضيع السابقة , لكن اللاحق سيكون أكثر تنويرا بعون العقل , وكختام لمقدمتي , أوجه كلمة شكر من أعماق قلبي للأستاذ "أبو قثم" ... أما بعد :
لابد أن البعض منكم يتساءل عن ماهية الأفكار التي دفعتني إلى إعادة النظر فيما أنا عليه , أجيبكم إشباعا لفضولكم , لقد كانت شكوكا حول وجود الجن والعفاريت والشياطين وغيرها من المسميات التي يطلقها السذّج على كائنات يدَّعون أنها غيبية من العالم السفلي
شكوكي تشكلت بعد رؤيتي لحالات غريبة عانى منها أشخاص أمامي ومن أقربائي ... حالات يطلق عليها المتدينون "المس الشيطاني" , جعلتني أعجز عن التفكير لمدة طويلة , ولأنني لست ممن يقبل بالمظاهر فقط , فقد قمت ببحث مُطوَّل عساني أجد تفسيرا لهذه الظاهرة الغريبة المتفشية بالبلدان العربية دون الغربية
قرأت كتبا في علم النفس , ومقالات لملحدين متمكنين , فوجدت أن الجميع يتفق على أنها حالات نفسية وهمية , يصابون بها لإيمانهم الأعمى بالمس الشيطاني , والغريب أنهم قد يتشافَوْن بعد تلاوة القرآن عليهم .
صادف بحثي هذا أنني كنت أقوم بدورة مع نفسي أحاول من خلالها تطوير ذاتي وتنوير أفكاري التي أفسدها المتدينون في سن براءتي , أُفْعِمُ روحي بالأمل والثقة و... , فاكتشفت أثناء قيامي بهذه الدورة أن السبيل الوحيد للتغيير سواء نحو الأفضل أو الأسوأ هو السيطرة على العقل الباطن وترويده ...
أقول لمن يجهل ماهية العقل الباطن , أن عقولنا تنقسم إلى جزأين , أو بمعنى أصح تقوم بوظيفتين : وظيفة واعية ظاهرية ووظيفة غير واعية باطنية حيث تخزَّن الأفكار والمعلومات والعقائد ... الخ
للعقل الباطن قدرة التأثير على حياتنا بصفة كلية , فعندما أقول أنا إن هناك أشباحا في بيتنا , فعقلي الباطن يأخذ ماقلته على محمل الجد , فيبرمج على فكرة وجود الأشباح في بيتنا , والمفجع أنه يعمل على تطبيقها , فعند حلول الليل مثلا أو وجودي بمفردي , يستغل عقلي الباطن الفرصة ليصور أمامي أشباحا من نسج خيالي , فأؤمن بعدها ايمانا تاما أن الأشباح موجودة ... لكن وجودها في عقلي فقط وأنا السبب في إيجادها.
عندما تسمع أنت في صغرك ( حيث لا تستطيع أن تفرق بين المنطق والميتافيزيقيا ) أن الانسان يصاب بالمس الشيطاني إذا ماكان يبكي في الليل , أو يستمع للموسيقى , أو ... فإن عقلك الباطني الصغير يخزِّن تلك المعلومة , فتتحول إلى اعتقاد مسَلّم به , يجب الايمان المطلق به ... وأن المس الشيطاني قد يصيبك أيضا إذا تحولت عن عبادة ربك , فيعمل عقلك على تحقيق ذلك يوما ما , فتصيبك حالات الهستيريا العجيبة التي تفسرها أنت وعقلك بالمس الشيطاني , وعندما يتلى عليك آيات قرآنية تؤمن بها هي الأخرى تشفيك بالتأكيد ...
يحكي أحد الأطباء النفسانيين أن مريضا له كان يعاني من المس الشيطاني على حسب اعتقاد المريض , فاقترح الطبيب عليه أن يعالجه مرة بآيات من القرآن كونها السبيل الوحيد للشفاء بإذن من الله , وافق المريض وهو في أشد الايمان أن كتاب ربه الأعلى سيشفيه ... استمر العلاج لأسابيع إلى أن تحسنت حالة المريض فشفي تماما ... اعترف الطبيب بعدها أنه لم يكن يتلو على المريض سوى كلمات عادية من كتاب عادي ليس له علاقة بالقرآن , لكنه لم يخبر المريض , وبالتالي فهذا الأخير قد شفي بما يسمّى بالإيحاء , وهو عملية إقناع وإيهام للعقل الباطن , أو كما يقول الناس بالعامية "شفي بالنية" , دون قصد منهم فكلامهم في غاية الحكمة , إذ أن النية هي الايمان والتسليم بالشئ , إنها عملية الإيحاء للعقل الباطن نفسها .
عندما تصلي لربك فتدعوه من قلبك أن يحقق لك شيئا فأنت حينها توحي لعقلك الباطن أن بعد هذا الدعاء سيحصل المراد , فيطلق هو العنان ويعمل على تحقيق ذاك المراد ... فتقول أخيرا إن الله قد استجاب دعائي
أؤمن أن إلهي هو عقلي الباطن الذي يجب أن أسَيِّرَه بعقلي الواعي ,
لا أستطيع ترتيل عجائب العقل الباطن كلها بموضوعي هذا , لذلك أدعوكم إلى قراءة كتاب " قوة العقل الباطن " بتمعن ,
ليس هناك من إله , ولا ملاك , ولا شيطان , ولا رسول ...
نحن آلهة أنفسنا , إذا احتجت لمساعدته فابحث عنه بداخلك , بعقلك , وقلبك , ابحث عن عقلك الباطن ...
خالص تحياتي اللادينية .